عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس بن ثعلبة الخزرجي الأنصاري، وأمه كبشة بنت واقد بن عمرو بن الإطنابة، كنيته أبو رواحة، كما كان يُكنى أيضًا أبا عمرو وأبا محمد، ارتبط ابن رواحة بأبي الدرداء بصداقة وطيدة، حتى قيل أنه أخيه لأمه، كما كان خال النعمان بن بشير، نشأ ابن رواحة كاتبًا مثقَّفًا وشاعرًا متذوقًا للغة والأدب، تنطلق على لسانه الأبيات المعبرة والأقوال المؤثرة، حتى أسلم فكرَّث موهبته وسخَّرها لنصرة الإسلام والمسلمين.
إسلام عبدالله بن رواحة
كان عبد الله بن رواحة الجزرجي أحد الأنصار الذين جاءوا من مكة إلى المدينة وقابلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستمعوا له وآمنوا به، وبايعوه بيعة العقبة الأولى، ثم استكملوا فهم أصول دين الإسلام وتعاليمه على يد الصحابي الجليل مُصعَب بن عُمير، الذي أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم إلى المدينة، ليكون أول سفير في الإسلام. ومنذ ذلك الحين وعبد الله بن رواحة رضي الله عنه لا يدخر جهدًا في خدمة الإسلام ونشر تعاليمه، كما كان من أوائل من استقبلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هجرته إلى المدينة المنورة، ولزِمه منذ ذلك الحين.
بطولات عبد الله بن رواحة
جاهد ابن رواحة فكان نعم المجاهد في سبيل الله، إذ خاض مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوات عِدَّة مثل غزوة بدر وغزوة أحد وغزوة الخندق وصلح الحديبية، كما كان ثالث الأمراء الذين كلفهم الرسول صلى الله عليه وسلم بقيادة الجيش يوم مؤتة.
ولم يُجاهد ابن رواحة بسيفه فقط، بل جاهد بلسانه أيضًا، فقال الكثير من الأبيات الشعرية التي طالما حثَّت المسلمين وحفَّزتهم على السير والجهاد في سبيل الله، فقال من ضمن أشعاره:
- يارب لولا أنتَ ما اهتدينا … ولا تصدَّقْنَا ولَا صلَّيْنَا
- فأنزلَنَّ سكِينَةً علينا … وثَبِّت الأقدامَ إن لاقينَا
كما قال مادحًا رسول الله صلى الله عليه وسلم ردًّا على هجاء المشركين له:
- إني تفرَّستُ فيكَ الخيرَ أعرفه … واللهُ يَعْلَمُ أنْ ما خانني بَصَرُ
- أنْتَ النبيُّ وَمَن يُحرَم شفاعَتَه … يَوْمَ الحسابِ فقد أزرَى به القَدَرُ
- فثبَّتَ اللهُ ما آتاكَ من حُسْنٍ … تثبيتَ موسى ونصرًا كالذي نصروا
وفاته
التقى الجيشان في مؤتة في جمادى الأولى سنة 8 هـ، وواجه المسلمون موقفًا عصيبًا بسبب التفوق العددي للروم، فقُتل القائد الأول زيد بن حارثة، ثم القائد الثاني جعفر بن أبي طالب، فانتقلت الراية للقائد الثالث عبد الله بن رواحة الذي تردد قليلاً، ثم أنشد:
أقسمت يا نفس لتنزلنه طائعة أو لا لتكرهنه
فطالما قد كنت مطمئنة ما لي أراك تكرهين الجنة
هل أنت إلا نطفة في شنة قد أجلب الناس وشدوا الرنة
ثم نزل للقتال فطُعن، فاستقبل الدم بيده فدلك به وجهه، ثم اخترق الصفوف، وجعل عبد الله بن رواحة يقول: «يا معشر المسلمين، ذُبُّوا عن لحم أخيكم»، فهاجم المسلمون حتى يدركوه، فلم يزالوا كذلك حتى أدركوه وقد مات مكانه.