الامثال العربية هي واحدة من أقدم العادات العربية التي لا تزال تستخدم حتى اليوم، ويعود تاريخ الامثال العربية إلى عصور ما قبل الإسلام والعصور القديمة، وقد أعطيت الأمثال الشعبية رعاية خاصة في كل من الغرب والعرب على حد سواء ، وأعطيت أهميتها في الثقافة العربية، وصل انتباه الكتاب العرب إلى حد كبير، وكان لها شخصية مميزة.
والأمثال هي واحدة من الأشكال التعبيرية الأكثر شعبية، ولا تخلو من أي ثقافة، لأنها تجسد أفكار الناس وتصوراتهم وعاداتهم وتقاليدهم ومعتقداتهم ومعظم جوانب حياتهم، في صورة حية وفي دلالة إنسانية شاملة، ويمكن اعتبارها عصبًا في حكمة الشعوب وذكرياتهم الباقية.
الامثال العربية عند الفارابي
قال أبو ابراهيم الفارابي أن المثل: “هو ما ترضاه العامة والخاصة في لفظه ومعناه، حتى ابتذلوه فيما بينهم وفاهوا به في السراء والضراء، واستدروا به الممتنع من الدر، ووصلوا به إلى المطالب القصية، وتفرجوا به عن الكرب والمكربة، وهو من أبلغ الحكمة لأن الناس لا يجتمعون على ناقص أو مقصر في الجودة أو غير مبالغ في بلوغ المدى في النفاسة”. اقتباس من كتاب “ديوان الأدب”.
قالت قصة المثل، كما ذكر القاضي والمؤرخ وكاتب الأنساب، حمد الحجيل في كتابه “كنز الأنساب وجمعية الأدب”، إن رجلاً يدعى الحصين بن عمرو بن معاوية بن كلباب قد صنع حدث في شعبه، وهرب، لذا التقى رجلاً من قبيلة جهينة، كان يُطلق عليه “الأخنس بن كعب”، وتعاقدوا على أنهم لن يقابلوا أحدًا إلا سرقوه، وكلا منهما فاتك تحذير صاحبه، لذلك عرفوا أن رجلاً من لخم قد أتوا من بعض الملوك بمغنم، لذلك ذهبوا بناءً على طلبه، ووجدوه قادمًا في ظل شجرة، فقدم لهم الطعام ونزلوا يأكلون ويشربون.
ثم إن الأخنس الجهني ذهب لبعض شأنه، فلما رجع وجد سيف الحصين مسلولاً، والرجل اللخمي غارق في دمه، فسل سيفه، وقال للحصين: ويحك! قتلتَ رجلا حُرِم علينا دمه بطعامه وشرابه!، قال له الحصين: أجلس يا أخا جهينة، فلهذا ومثله خرجنا، ثم احتل الجهني الحصين بشيء، ثم قفز عليه وقتله، وأخذ ممتلكاته وسلعه، ثم عاد إلى قومه بأمواله.
كان لدى الحصين أخت تدعى صخرة، فكانت تبكيه دائما وتسأل عنه، لكنها لم تجد أحداً يخبرها بأخباره، فقال الأخنس عندما رآها: (كَصَخرةٍ إذ تسائِلُ في مراحٍ * وفي جرمٍ وعِلْمُهُما ظنونُ/ تُسائِلُ عن حصينِ كلَ رَكْبٍ * وعند جُهَيْنةَ الخبَرُ اليَقِينُ/ فمَنْ يَكُ سائلا عنه فعـندي * لسائِلِهِ الحديثُ المستَبِينُ)، فلما تأكدوا في وقت لاحق من أن الأخنس الجهني قتل الحصين كما قال هاتفا، صار شطر البيت مثلاً، تضربه العرب في معرفة الأخبار وصحتها.
” رب رمية من غير رام”
صاحب هذا القول هو حكيم بن عبد يغوث المنقري، الذي كان من أرمى الناس، والسبب هو أنه أقسم يومًا على تقديس الصيد، فخرج بقوسه ولكنه لم يرم شيئا، وبات ليلة في أسوأ الحالات.
وخرج في اليوم التالي ولم يرمي شيئا أيضا، فلما أصبح قال لقومه: ما أنتم صانعون؟ فإني قاتل اليوم نفسي إن لم أعقر مهاة/ البقر البري.
ثم قال له ابنه، أيها الآب، خذني معك، وذهبوا، وعندما كانوا في العمل، ألقى رجل حكيم عليه وأخطأ، ثم جاء إليه آخر وقال له ابنه:
يا أبي، أعطني القوس، وغضب الرجل الحكيم عندما ضربوه، فقال له ابنه: أحمد بحمدك، إذا كان سهمي يشترك معك، وأمهله الحكيم القوس، فألقى به الابن ولم يخطئ، فقال له حكيم: رب رمية من غير رام.
وأصبحت هذه المقولة مثلا يضرب عندما يتفق الشيء لمن ليس من شأنه أن يصدر منه.