ما هو فَن الاسِتماع
جميعنا نسمع عن ماهية ومفهوم فن الاستماع ومدى أهميته للجميع، و “لقد جعل الله للإنسان فماً واحداً، وأذنين، حتى يستمع أكثر مما يتكلم” ، من منّا لم يستمع لتلك المقولة فى صغره و لو مرةٍ واحدة، إذ لم يكن قد سمعها كثيراً خلال حياته اليومية فى المدرسة أو فى منزله أو من خلال شيخ فى التلفاز، هذه على بساطتها فإنها تحتوى القاعدة الأهم فى فن الإستماع و الذى بدونه يمكن أن ينفر الناس منك.
مهارات جذب الناس وكسب قلوبهم، بعضها يكون بفعل الشئ و أحياناً يكون بتركه. فالإبتسامة تجذب، كما أن عدم عبوسك فى وجه الآخرين يجذبهم نحوك، وكذلك أيضا الأحاديث الجميلة والنكات و المداعبات اللطيفة تجذب الناس إليك، وكما أن الإستماع إليهم و التفاعل مع أحاديثهم يجذبهم.
بعضاً من الناس لا يتكلم كثيراً، بل لا تكاد تسمع صوتاً له فى المجالس والتجمعات. وإذا راقبته فى الكثير من مجالسه لرأيته لا يتحرك منه إلا رأسه وعيناه، و قد يتحرك فمه أحياناً بالتبسم .. لا بالكلام. ومع ذلك يحبه الناس، ويأنسون بمجالسته، وذلك لأنه يمارس الهدوء الجذاب و يتقن فن الاستماع
مهارات فن الاستماع
إن لفن الإستماع مهارات متعددة، ويقول أحدهم أنه حضر أكثر من خمس عشرة دورة تدريبية فى مهارات الإستماع وقارن بين ثلاثة: شخصاً إذا تكلمت معه عن قصة قد حدثت معك و عند بدايتك فى الكلام قاطعك و قال أنا أيضاً حدث لى شيئاً مشابه لذلك فتطلب منه أن يصبر و يستمع إلى نهاية قصتك بالكامل، فيسكت قليلاً ثم يعود لمقاطعة كلامك مرة ثانية وثلاثة، و أحياناً يقول لك أن تنتهى من سردها سريعاً. و شخصاً آخر أثناء حديثك معه مفرده أو مع اصدقائك و هو بينهم، يلتفت مرة يميناً او آخرى يساراً وقد يخرج هاتفه ويُرسل بعض الرسائل أو يلعب بعض الألعاب الموجودة علي هاتفه أما الثالث ويمتلك مهارات الإستماع، فتجد أنه ركز عينيه عليك ينظر لك، وتشعر بمتابعته، فيهز رأسه موافقاً تارة، وأخرى يبتسم، و تارة يضم شفتيه متعجباً.
فمَن مِن الثالثة سيكون المفضل لديك والذي تفضل أن تجلس معه و يستحب زيارته و مجالسته و إخباره بأسرارك و ما يحدث فى حياتك و تبادل المواضيع و الأحاديث حتى و إن كانت سطيحة. إنه الأخير بلا شك ولا ريب.
إذن جذب قلوب الناس لا يكون فقط بأسماعهم ما يحبون سماعه، بل بالاستماع إليهم و الإنصات لما يحبون قوله بتركيز واهتمام.
ولأننا لنا فى رسول اللهﷺ أسوة حسنة فكان عليه الصلاة والسلام أمهر الناس فى الإستماع حتى ولو كان كلاماً لا يحب سماعه
أيضا من مهارات فن الاستماع
فَفى أوائل بعثة النبى ﷺ ولقد كان عدد المسلمين قليلاً وكان الكفار يكذبونه و ينفّرون
الناس عنه و يقولون أنه شاعر وكذاب بل وكاهن ومجنون، وفى يوم جاء رجل يُسمى ضماد
وكان حكيماً وله علم بالطب و يعالج المجنون والمسحور، وعندما خالط الكفار سمع ما يقال
عن رسول اللهﷺ فأخبر الناس أن يدلوه علي مكانهﷺ حتى يشفيه من سحره وجنونه، فذهب
وجلس مع رسول اللهﷺ وأخبر الرجل رسول اللهﷺ عن قدراته فى العلاج، وظل رسول اللهﷺ
يستمع ولم يقاطع الرجل رغم أن هذا الكلام يؤذيه عليه الصلاة والسلام، وعندما انتهى الرجل
من كلامه قال رسول اللهﷺ بكل هدوء: إن الحمدلله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل
له ومن يضلل فلا هادى له. فانتفض الرجل من مكانه و أخبر الرجل رسول اللهﷺ أن يُعيد عليه
ما قاله ثانية فأعادها عليه رسول اللهﷺ، فأمسك الرجل بيد سيدنا محمد وبايعه على الإسلام.
وفي الختام يقول الشيخ محمد العريفى “براعتنا في الاستماع إلى الآخرين .. تجعلهم بارعين
في محبتنا و الاستئناس بنا ..”
أهمية فن الاستماع
- يساعد على فهم الكلمات، وأخذ المعلومات بدقة أكبر، وكتابة المهم منها.
- تعزيز معاني الصداقة، وذلك عند إعطائهم الاهتمام في أفكارهم المطروحة، وتجاربهم
ممّا سيقرب العلاقات فيما بينهم. - إظهار تفهّم الشخص، فالاستماع يعكس الفضولية، ويظهر الاهتمام بالأحداث والآخرين.
- يساعد حسن الاستماع على التحدّث أمام الجمهور، حيث يساهم في التعرّف على كيفية
تفاوض الناس، وكيفية عرض المعلومات، الأمر الذي يؤدي إلى اكتساب القدرة على تحليل
الطرق الجيدة والسيئة للحديث.