قال تعالى:
” وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطا فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة
إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية
مسلمة إلى أهله و تحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيما”.
تفسير الآية 92 من سورة النساء
يذر الله سبحانه وتعالى المؤمن أن يقتل أخاه المؤمن بوجه، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :
” لا دم امرئ مسلم يشهد أن لا اله إلا الله، وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه المفارق للجماعة”،
وقد وضح الرسول الكريم معنى الحديث أن هذه الحالات هي موجبات القتل، فإذا وقع شيء من هذه الأشياء الثلاثة السابقة يترك
أمر القتل لولي الأمر.
وعبارة “من قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله” تعني أن من ارتكب القتل الخطأ
عليه أداء الكفارة وهي تحرير وعتق رقبة، إضافة لإلى أداء الدية التي حددتها الشريعة الإسلامية إلى أهل المقتول.
أما عبارة “إلا أن يصدقوا” تعني سقوط الدية عن القاتل في حال تصدق أهل المقتول بها.
وتفسير عبارة ” وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق” تعني إذا كان المقتول من أهل الذمة الواقعين
تحت حماية وأمن الدولة الإسلامية، يجب في هذه الحالة أداء الكفارة، وإن ثبت كفر المقتول وعدم إسلامه.
“فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين” وهنا حل آخر لمن لم يجد رقبة لعتقها، أو منعته ظروفه المادية من ذلك،
وهو صوم شهرين متتاليين متتابعين لا إفطار بهما.
“توبة من الله وكان الله عليما حكيما” وتعني أن تحقيق الشروط سابقة الذكر في حال القتل الخطأ هي التي تؤدي إلى توبة الله
على القاتل ومغفرته له.
سبب نزول الآية 92 من سورة النساء
اختلفت الآراء الدينية حول سبب نزول الآية الكريمة، فمنهم من قال أنها نزلت في “عياش بن أبي ربيعه”،
حيث أن عياش قتل رجل كان يعذبه على الإسلام وهو”الحارث بن يزيد العامري” وبعد أن أسلم الأخير، رآه “عياش” يوم فتح،
ولم يعرف بأمر إسلامه، فما كان منه إلا أن قتله، فأنزل الله تعالى به هذه الآية الكريمة.
وفي رواية أخرى يقال أنها نزلت في “أبي الدرداء” لأنه قتل رجلا وقد قال كلمه الإسلام حين رفع السيف في وجهه،
إلا أن علماء الدين الإسلامي يرجحون أن تكون الرواية الأولى هي الأصح،
وهي رواية سبب نزول الآية في “عياش بن أبي ربيعة”
.
من هو عياش بن أبي ربيعة
هو عياش بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن مخزوم، وكان يكنى بـ “أبا عبد الله”،
وهو أخ أبي جهل من أمه “أسماء بنت مخربة”، وقد كان من المستضعفين في مكة المكرمة، دخل “عياش” الإسلام مبكرا،
وكان من الأشخاص الذين كثُر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لهم، وقد قتل “عياش” رجلا بالخطأ
حيث أنه قتله نصرة لدين الإسلام، ولم يكن يعرف حين التقى به بأمر إسلامه، فأنزل الله به آية كريمة، وفيها حكم القتل الخطأ.